اللسانيات الحاسوبية
بقلم: ذ. حمادي الموقِـت
1- اللسانيات الحاسوبية: مفهومها ونشأتها
أضحت اللسانيات الحاسوبيةLinguistique computationnelle ، ذاك الإطار التقني، الذي تنصهر داخله تجليات اللغة الطبيعية وتمظهراتها، في تفاعل يحاول ربط هذه الأخيرة (أي اللغة) بالحاسوب وأنظمته. أو أنها الفرع الذي يبحث في مختلف طرق وكيفيات الإستفادة من قدرات الحاسوب في تحليل اللغة و معالجتها وتعليمها وتعلمها... وإن بدا لك نظرٌ آخر فقل: إنها محطة تقنية تدرس بنية اللغة الطبيعية في ارتباطها بجهاز الحاسوب، على اعتباره أساس المنظومة المعرفية الأولى، في تطويع هذه اللغة كمادة تكنلوجية تبرمج في الحواسيب الإلكترونية.
أما مازن الوعر، فيصفها بالإطار العلمي الذي يبحث " في اللغة البشرية كأداة طيعة، لمعالجتها في الآلة... وتتألّف مبادئ هذا العلم من اللسانيات العامة، بجميع مستوياتها التحليلية: الصوتية والنحوية والدلالية، ومن علم الحاسبات الإلكترونية، ومن الذكاء الإصطناعي Intelligence artificielle، و المنطق Logique ثم الرياضيات، مشكلة بذلك مبادئ اللسانيات الحاسوبية". ومن جانبها حاولت جمعية اللسانيات الحاسوبية ACL تعريفها قائلة: "إنها الدراسة العلمية للغة من زاوية الإدراك الحاسوبي؛ وبالتالي فإنها تهتم بحوسبة مختلف النماذج والظواهر اللسانية؛ التي بإمكانها أن تكون *قاعدة للمعارف* على سبيل المثال. أما العمل بها فيبرره الإدراك العلمي بخصوصيات الظواهر اللغوية؛ أو ظواهر علم النفس اللساني تارة، والإحتياجات التكنلوجية لدراسة الخطاب أو أنظمة اللغة الطبيعية تارة أخرى".
ولعلك حين تستقرئ مثل هذه التعاريف ربما توافقني الرأي من أن موضوع اللسانيات الحاسوبية، يبقى إطاراً رهينَ الفهم؛ وطبيعة التداول؛ مع درجة الإستثمار الذي يمنحه له الباحث اللغوي-الحاسوبي بالدرجة الأولى. فيبقى بالتالي عملا لغويا آليا بامتياز، يُعالَج مثل كيان موحد ومنظم في قلب الحواسيب الإلكترونية، وكأنه إجراء دقيق لبعض العمليات الخوارزميةAlgorithmique أو الرياضية Mathématique والرمزية Symbolique والخطية (الخطاطة)Graphique داخلها؛ في ارتباط تام يجمع بين مكونات الحواسيب ووسائطها les paramètres من جهة، وبين منظومات اللغة أو مستوياتها من جهة ثانية. وبمعنى آخر أجدى، محاولةُ مَنطقة اللغة الطبيعية وصورنتهاFormalisation في قالب يتناسب ومبادئ نُظم الحاسوب. الأمر الذي استدعى تنظيم عدة مناظرات ومؤتمرات وطنية ودولية، للبحث والدراسة في أسس هذا المولود المعرفي وتبعياته العلمية، حتى كان للمغرب الشرف في تنظيم بعضها، كمؤتمر: "اللسانيات التطبيقية العربية ومعالجة الإشارة والمعلومات" بالرباط سنة 1983، ومناظرة:"اللغة العربية والتقنيات المعلوماتية المتقدمة" الذي عُقد بالبيضاء سنة 1993. وكلها محاضرات – كما يبدو – تتعلق بقواعد ومستويات تحليل اللغة العربية، على اعتبارٍ أوَّلَ هو: الدفاع عن صحة واقعها العلمي، ومن اعتبار ثانٍ: إثباث القول إن اللغة العربية واحدة من إحدى اللغات التي تؤسس المنظومة اللغوية العالمية ، وباستطاعتها أن تواكب التقدم التقني والتكنولوجي الذي ساد العصر.
وتجب الإشارة إلى أن:"اللسانيات الحاسوبية" قد عُرفت بِنُعوتات أُخرى، من قبيل "اللسانيات المعلوماتية" Linguistique informatique عند الإخوة التونسيين مثلا، غير أنها لاتمس مضمون ما جاءت به، بل من ناحية ضبط المصطلح الواصف فقط، وهو ما يتضح عند Philip miller و Thérèse torris في كتابهما: Formalismes syntaxiques pour le traitement automatique du langue naturelle حينما يقولان :" إن اللسانيات المعلوماتية في مفهومها الواسع، هي ما تحاول أن تطور أنظمتها وبرامجها لمعالجة اللغة الطبيعية في الحاسوب".غير أنه يبقى وصفا محدودا، بحكم اللبس الذي قد يلف جوانب مفهوم "المعلوماتية" إذ لايمكنها بأي حال من الأحوال أن ترادف "الحاسوب"، بل تقتصر على جمِّ المعطيات والبيانات التي تشكل قاعدة ما سيعالجه هذا الحاسوب Ordinateur/ Computer.
أما البدايات الأولى لظهور العمل باللسانيات الحاسوبية – ولو في شكله الأولي- يمكنني القول عنه ومن خلال استنتاج بسيط على ضوء ما قيل: إنه تزامن مع اكتشاف الحاسوب نفسه بحكم طبيعة العمل الذي اقتصر آنذاك على معالجة البيانات العددية و الكلمات المطبوعة والمنطوقة والأصوات والرسومات... لبعض المؤسسات الحكومية في إطار سياساتها الداخلية والخارجية، وذلك منذ الخمسينيات من القرن العشرين تقريبا.
وكيفما كان الحال، إذا كانت اللسانيات العامة تدرس اللغة الطبيعيةَ الدراسة العلميةَ الكفيلة بتحليل مستوياتها ووسائطها، تحليلا يُبْرِز شُعبها و يُبَرِّر ظواهرها، كَنِتاجٍ اجتماعي من جهة؛ وكأداة للتواصل من جهة ثانية، فإن الحاسوب– ذاك الطفل الذي ولد كبيرا بحجم (الحياة)- كما لقبه بذلك لويس كارول، عالَم رقميEspace virtuel، فرض وجوده " كآلة إنجاز خام يتم توجيهها من خلال البرمجيات لتنفيد وظائف محددة ". فما الحاسوب إذن؟ ومتى ظهر؟
2- أهداف اللسانيات الحاسوبية.
إن أهم ما تصبو إليه اللسانيات الحاسوبية، هو محاولة تلقين الحاسوب لغة بشرية تمكنه من التحاور مع مريديه شفويا و كتابيا، حتى يصبح قادرا على فهم الكلام وإنتاجه وتوليده، كما هو الحال بالنسبة للدماغ البشري، بمعنى آخر أن يصبح الحاسوب قادرا على محاكاة أو على الأقل مجاراة التفكير والإنجاز البشريين.
2-1 التفكير البشري Le Pensé
إن مجهودات علماء الحاسوب في هذا الشأن، ما زالت في محاولات لبناء نظم قادرة على فهم اللغة الإنسانية وإنتاجها تماما كما يفعل سائر البشر. إلا أن الأمر لم يكن باليسير عليهم؛ رغم ما توقعه اليابانيون في العقدين الأخيرين، حين اختراعهم لجهاز حاسوبي ينتظرون منه معرفة ما يريده مستخدموه عن طريق "فعل السؤال والجواب"Acte : Question / Repense ، ثم جعله قادرا على مناظرة الإنسان بلغته القومية وفهم الكلام والصورة. وكذلك القدرة على التعلم وفعل الإستنتاجات واتخاذ القرارات، ثم التصرف بالطرق التي نعتبرها جزءا شاملا من التفكير المنطقي المؤدي إلى استنتاجات العقل البشري. ليكون نتاج ذاك الهم وأساسه تمثيلا للمعرفة البشرية المصنوعة. ومادامت هذه الأخيرة تعد قوة المجتمع المعلوماتي، فإن الجهاز الذي سيكون قادرا على استيعاب معرفة الإنسان؛ يستطيع استيعاب أي بُعد من معرفته، كما يؤكد على ذلك الخبير في مجال الحواسيب، الياباني ادوارد فايجنبوم E.A.Feigenbaum.
لكننا في مقابل ذلك نجد أن Sylvain surcin (1999) يتأسف على عدم تحقيق مثل هذا الرجاء بقوله: "...ذلك أنه كلما تقدمت خطوات استقصاء المعلوماتيين لأنماط انتظام المكونات اللغوية المختلفة ووقائعها المتنوعة، واستكشاف أبعاد اشتغالها المعقدة، كلما صادفتهم مشاكل عديدة تحطم رؤاهم الأولية، وتصوراتهم البسيطة التي كانوا يعتبرون اللغة بموجبها تكديساً من الأنظمة المتتالية والمستقلة عن بعضها البعض". وقبله Augustin Lux (1990) حين يقول:" إن الواقع يتجاوز التوقع "، وكان يعني بذلك ؛ أن الأمل في بناء آلة تحاكي السلوك والتفكير البشريين أمرا يبقى في حضن الإستفهام.
لكن هل من الواجب على الحاسوب أن يحاكي سلوك البشر في التفكير؟؟؟
وضع مينسكي(1965) السؤال نفسه - وقبله Alan Turing (1950) - حين نفاه مرتين وأتبته واحدة قائلا:''لا، لايستطيع الحاسوب التفكير، لو حدَّدنا هذا المفهوم في ارتباطه بأي نشاط إنساني خاص...، ولا يفكر كذلك لو كان ما سينتج من الفكر غير قابل للتحليل، كأن يكون شيئا أسطوريا أو خياليا أو حتى سريا''. وأثبته مرة واحدة بشرطٍ لما قال:'' نعم، يستطيع الحاسوب أن يفكر لو وجد السؤالُ مساره نحو التجربة، وكانت الملاحظة إجراء حاسم في مقارنة السلوكات الآلية بالسلوكات البشرية ، ليتبين لنا عندها من هو أهلٌ للتفكير''. وبناءا على هذا الإثبات، فهل يعني ذلك أن "نظام التعرف والفهم الإنساني" الذي أتى به Rossi Mario (1996) في مقاله:"المعارف والمعالجة الآلية للكلام" نظام بأساس معرفي Système à base de connaissance ؟. لقد ترك هذا السؤال ومثله، حيرة على كل التقنيين المختصين في مجال الحاسوب، وكذا اللسانيين المهتمين بالسلوك البشري، في محاولة فردية لإيجاد توافق ولو بسيط بين المجالين، رغم أن البعض منهم لايعترف بدور الفريق الثاني في نجاح ذاك النظام المعرفي. وعليه تؤكد الزمرة الثانية عدم قدرة الحاسوب أو أي نظام آخر مهما بلغت قوته وسرعته، على التكافؤ مع الإنسان، إن لم يتأسس على تقييس (محاكاة)Simulation تام ودقيق للسلوك الإنساني. لأن المشكل لم يكن ليُطرح لو توفرت الآلة على مخ إنساني.
لقد كانت الحواسيب" الذكية" ولازالت حلم علماء الحاسوب ومهندسيه ومستخدميه على السواء، منذ ما يربو عن نصف قرن تقريبا، "فكلما أمعنا النظر – يقول نبيل علي – في المعمارية المقترحة لحاسوب الجيل الخامس ونظم تشغيله وتطبيقاته المستهدفة، تأكد لنا الدور الرئيس الذي تلعبه اللغة في هذا المشروع الطموح، الذي يسعى في الدرجة الأولى إلى تطوير حاسوب لغوي في بنيته ونظامه وتطبيقاته، حاسوب ذكي قادر على التعامل اللغوي، تحليلا وتركيبا، يميز الأصوات ويولدها، ويحلل النصوص ويؤلفها، حاسوب منطقي ذي قدرة على توصيف المشاكل وحلها، والتأكد من صحة المعطيات، واستخلاص النتائج وإيجاد الحلول. إن نجاح العلماء والمهندسين في تطوير حواسيب ذكية سيفتح الباب على مصراعيه لكثير من التطبيقات اللغوية التي ظلت ولِوقْت قريب من قبل الخيال العلمي". ويضيف قائلا: "وعلى الرغم من أن نجاح مشروع الجيل الخامس لم يتقرر بعد - ويشكك البعض في إمكانية تحقيقه - إلا أن جميع البوادر تشير إلى إنجازات مذهلة مرتقبة سنكتفي هنا بذكر بعضها:
- الترجمة الفورية بين عدة لغات.
- آلآت كاتبة تعمل بالإملاء، أي قادرة على تمييز الكلام المنطوق وتحويله للمقابل المكتوب.
- آلات قارئة قادرة على تمييز النصوص المكتوبة وتحويلها إلى المقابل المنطوق.
- نظم آلية للفهرسة والإستخلاص والإختزال.
- إجراء الحوار بين المستخدم والحاسوب باستخدام اللغات البشرية (الطبيعية) مباشرة ودون الحاجة إلى لغات برمجة خاصة أو شفرات اتصال معينة".
والحقيقة أن للتقييس (المحاكاة) زمنا بدأ مع العلوم الدقيقة والتطبيقية خاصة في مجالي الهندسة والعلوم، فكان استعماله يقتصر على اختبار صلاحية فرضية ما عندما لايُتاح اختبار النظام الحقيقي. يقول الدكتور عادل عوض عن المحاكاة الحاسوبية: "بعد أن يجري تطوير نموذج رياضي ديناميكي لعملية ما، فإن المعادلات التي تشكل النموذج يجب حلها كي تسمح بتقدير سلوك العملية بالعلاقة مع الزمن. وعملية التطوير هذه تُعرف بالمحاكاة، ويمكن الوصول إليها باستعمال النموذج لاكتشاف تأثير الحالات المتغيرة في النظام الحقيقي".
وعموم القول: إن تطوير برنامج حاسوبي يلبي هذا المبتغى - على غرار الأنظمة الدماغية للبشر، والعمليات التي تقوم بها والمتباينة بين البساطة والتعقيد - لهو برنامج يرغب في التقرب من البنيات الذهنية للإنسان وإدراك خصوصياتها وسلوكها ومميزاتها على حسب ما يفرضه الموقف التواصلي عليها.لامن حيث اشتغال الذاكرة الإنسانية والتذكر، ولامن حيث التعلم واستدعاء الكلمات ، وبناء الجمل وفهمها وإنجاز الكلام ومعرفة ثوابت القراءة والكتابة. والغرض من كل ذلك هو محاولة التوصل إلى إنجاز فعل تواصليActe de communication متضمن لكل الشروط المنصوص عليها والمتعاقد عليها من قبل المتخاطبين، مما يعني، محاولة إيجاد وتوفير كل السبل والظروف التي من شأنها أن توصل المعلومة أو المعرفة- بصفة عامة- إلى مريديها، على الهيئة والكيفية التي يريد. وطبعا، لما علمنا أن عقل الحاسوب لازال عاجزا عن تأدية وتطبيق مثل هذه الوظائف، فإن مطمح محاكاة سلوك الدماغ البشري سيبقى معلقا إلى أجل غير مسمى. وربما كان العائق الأكبر وراء عدم تحقيقه تلكم الأنساق غير اللغوية، أو الخصائص الصورية المساعدة -أكثر من مرة - في تحديد المعنى وتقريب التفاعل وتحقيق التواصل بين المتخاطبين، لأن العلاقة بين هؤلاء لاتقتصر على ما هو لغوي، بل لابد من سلوكيات أخرى غير نسقية- ولاتشكل جزءا من نسق اللغة- تساهم بشكل كبير في إنجاح الفعل التوصلي، كما هو الحال في الأحاسيس والتأوهـات والتعجب والحدوس والأذواق وبعض الأعراف وكثير من الإنفعالات الأخرى التي لولاها لما تم الكلام ولما فُهم مقصدُه. الأمر الذي يؤكده بعض الخبراء، بحكم قناعتهم من أن نظم الحاسوب؛ لايمكن أن تقوم إلا على أساس رياضي، لايُعير أي اهتمام للشك أو الريب أو التخمين، وعنها يقول مازن الوعر:"..ليس هناك شعور أو حدس أو توقع، عندما تُعرض مثل تلك المواد على الحاسوب الإلكتروني ، لأن ما يُعطيه هذا الحاسوب من نتائج ستكون علمية موضوعية"، لامجال للأحاسيس والشعور فيها.
ورغم هذه الصعوبات لم يقف البحث التكنولوجي مكتوف الأيدي، بل لم يزده ذلك سوى حماس وتصميم، بهدف إيجاد ولو حل مبدئي لهذه المعضلة المعلوماتية. فهذا ما حدا بـ: Sabouraus (1995) إلى اقتراح مبدأ التقييس Simulation " كاختبار تجريبي تتحدد ثوابته الإجرائية داخل الإنشغال الدقيق بقضايا الذكاء الإصطناعي". بمعنى آخر؛ محاولة نمذجة اشتغالات القدرة الإنسانية اللسانية وتقييسها آليا، عندها يسهل علينا معرفة طبيعة محاكاة أو تقليد الدماغ البشري .خاصة إذا علمنا أنه قد طلع علينا اكتشاف جديد قد يفيد إلى حد كبير، أو على الأقل إرشاد المهندسين المختصين واللسانيين على حد سواء، إلى ملامسة دماغ إلكتروني يُماثل الدماغ البشري، بعد أن أصبحت رقائق الحاسوب حيوية تُستبدل فيها الصمامات بجزيئات الحامض النووي الوراثي؛ التي تُشفر المعلومات الوراثية أو بروتينات مُعدلة بالهندسة الوراثية. ولعل إدماج المادة الحية كالبروتينات مع الرقائق الحاسوبية تبدو للوهلة الأولى مستقبلية للغاية، لكنها في الواقع معروفة بين مجالات الإلكترونيات. إذ أن هناك حقيقة بسيطة تقول : إن هناك كثيرا من العمليات التي ينفذها الحاسوب يُفترض أنها تحل محل المجهودات البشرية، ولذلك يقول د. رؤوف وصفي: "ليس من المدهش أن علماء الحواسيب ربما يرغبون في دمج بعض خصائص الإنسان (التي يمكنها أن تؤدي نفس ما يقوم به الدماغ البشري من مهام ) في تصميم الحاسوب ". ولأهمية الرقاقة الحيوية وكيفية عملها ارتأينا أن نخصص لها هذا المحور:
2-1-1 الرقاقة الحيوية:Bioship
أصبحت الرقائق الحاسوبية إحدى أهم السمات التي تميز الحضارة المعلوماتية في زماننا هذا، فهي موجودة في كل مكان حولنا، فكما تجدها في الحواسيب الشخصية، قد تجدها كذلك في الهواتف المحمولة والثلاجات والمكيفات.. إلخ. إن هذه الرقائق الدقيقة"الذكية" هي التي تقود المنطق الذي يسيطر على التقنيات العلمية الحديثة .
فقد نجح العلماء حسب د.رؤوف وصفي دائما، في الجمع بين المركبات العضوية طويلة السلسلة les composantes organique à Chaîne long والرقائق الحاسوبية المصنوعة من السليكون Slicon لخلق مجال جديد تماما، من علوم الحاسوب، يتعلق بتشغيل الحواسيب الحيويةBiocomputers . ولا أدل على هذا مساهمة علماء الهند في ""وضع الأسس النظرية لتكنلوجيا "البيوسليكون" لدمج العناصر البيولوجية مع شرائح السيلكون الإلكترونية "" مع توقع الكثيرين لها بأن تُحدث ثورة عارمة في مجال الحواسيب الإلكترونية.
وعندما يتم العمل بين علماء البيولوجيا وعلماء الحاسوب بدمج جديلة Strand المادة الحية في الرقاقة الحاسوبية، فإنهم في الواقع سيصنعون رقاقة حيوية تشبه في تركيبها الرقاقة التقليدية للحاسوب، باستثناء تغيير الصمامات بجزيئات كيميائية عضوية أو بروتينات "مهندسة" بتقنية الهندسة الوراثية. ووفق رأي العلماء –يضيف رؤوف وصفي- فإن للرقاقة الحيوية عدة مزايا، بالمقارنة مع الرقائق الحاسوبية المستخدمة في الوقت الحاضر منها: زيادة العناصر الحسابية وإيجاد طراز جديد في معاملة المعلومات الحيوية في أعمال ذات مستوى عال مثل دراسة تتابع الجينات.
وعلى هذا، فالرقاقة الحيوية تبدو مثل ’’وعاء’’ (شريحة من السليكون) به مكعبات بالغة الضآلة (يُطلق على كل منها خزان) ويحمل كل خزان عينة من المادة الحية، وكل عينة من هاته تختلف عن باقي العينات الموجودة على الرقاقة، مما يعني أنها سوف تتفاعل (أو قد لاتتفاعل) مع البيئة المحيطة بها، بطريقتها الخاصة. ولاستخدام الرقاقة الحيوية، يقوم العلماء بتعريضها لبيئة معينة، قد تكون هذه البيئة صوتا أومجموعة أصوات(كلمات، آهات،...) لمستخدم الحاسوب، ثم بعدها يُراقب عمل كل عينة وتفاعلها مع العينات الأخرى.
|